العودة الى التدوين

أعود مجددًا إلى التدوين والكتابة، أو بمعنى آخر: إلى النشر.
منذ بدايات عام ٢٠٢٠ وتغير العالم، وانتشار كورونا، اكتسبت عادات مختلفة، بعضها عادي، وبعضها الآخر غريب. أهمها: الكسل اللذيذ، اللامبالاة، وتقليل الضجيج.
كانت آخر تدوينة نشرتها في نهاية ٢٠١٩، بعد أشهر من إصدار كتاب “التسويق على مواقع التواصل الاجتماعي ٣٦٠ درجة”. وبعدها أغلقت مدونتي، لم أجدد اشتراكي، ألغيت كل ما كتبت، وقررت مراقبة كيف سينتهي العالم مع كورونا.
أكثر من خمسة أعوام مرت على التدوين والكتابة والنشر، وهي أطول فترة انقطاع لشخص يدّعي أنه يحب الكتابة، الكتابة التي لازمتني لأكثر من خمسة وعشرين عامًا: كتابة الشعر والمقالات، كتابة اليوميات والنصوص، والنشر في كل زاوية: صحف، مجلات، منتديات، ثم التدوين قبل ما يقارب عشرين عامًا، حينما كان للتدوين ذلك الأثر في القلب والمجتمع.
تغير كل شيء مع الزمن؛ احتلت مواقع التواصل كل شيء: منصات الثواني القصيرة، المشاهير، موت الصحافة، تبلد المشاعر، واختفاء الكثير من الأصدقاء والمدونين في هذا العالم.
اليوم أعود مرة أخرى، لسبب واحد: هو أن أطيل عمري.
الكتابة محاولة شريفة للخلود، ترك الأثر، وتأخير ساعة الغياب.
لا يكفي أن تعرف، وتحب، وتعمل، وتنجح، وتفشل، وتسافر، وتعيش تجارب مختلفة. كل هذا يفعله معظم الناس. الأهم من كل ذلك: أن تكتبه، وتشاركه، وتعبر عنه، وتزرعه في الأرض وردًا ونخلًا ودمًا.
في الكتابة تجد ذاتك، تواجهها وتنكشف أمامها.
تنهمر عليك الكلمات كحبات المطر.
كأن الكتابة كالحب، حين تمسك به وتظن أنك انتصرت، تنتظرك كموعد مع فتاة في شارع مزدحم بالمارة. تتلصص إليها، لا تشعر بالوحدة، ولا بالبرد، ولا بعيون المارة. كل ما تريده هو أن تأتي تلك الفتاة التي بللها المطر، لتتأكد: هل كان حبًا صادقًا أم شهوة عابرة؟
التاريخ يتذكر ما يكتبه الناس، وينسى مناصبهم وثرواتهم.

 
لذلك، قررت الكتابة والنشر.
ربما يقرأني أحدهم ذات يوم، ويطيل عمري أكثر.

الاشتراك بالنشرة البريدية

انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.