لماذا نؤسس شركات ناشئة

١

لا أتذكر أنني، قبل أن أبلغ العشرين،
فكرت في تأسيس أي شيء: مشروع، شركة، جمعية، أي شيء.
ولذلك لم أخطط لأن أكون ما أنا عليه الآن؛ أن أصبح مؤسسًا لعدد من الشركات التقنية الناشئة سريعة النمو، وأن أكون محمّلًا بكل هذا القلق وهذه الأحلام.

الأرجح أنني قررت بشكل حاسم، عندما اقتربت من الثامنة والعشرين، وبعد أن عملت في بعض المناصب المهنية الرائعة، وصلتُ إلى قناعة أن أهدافي لا تسعها حياتي بشكلها في ذلك الوقت… فقررت أن أقفز.


٢

كل ما قررته ذات يوم، أن أكون مستقلاً بقدر ما أستطيع…
وأن أكون قادرًا على الوصول إلى تقاعد يحميني ومن أحب من جشع الحياة ووجعها.
أن أصل إلى ثروة تصنع أثرًا أكبر، وتفتح نوافذ أكثر إشراقًا.
أن أصل إلى تلك اللحظة التي أكون فيها قادرًا على عدم الرغبة في العمل… دون حاجة لمدّ يد.

وهذا الهدف الوردي عادةً لا يمكن الوصول إليه عبر العمل التقليدي والوظائف العادية.

هل وصلت؟ حتى الآن لا! ولكن لا خيار آخر حتى اللحظة. ومع ذلك، هنالك أمل.


٣

تكبر، ومع الوقت تكبر أحلامك.
تود أن تغيّر العالم، تحل مشاكله، تعتقد أن أحلامك قادرة.
هذه الأحلام تصنع بها قيدًا على حياتك:
أنت، الأسرة، الأبناء، الشركاء، الموظفون، المستثمرون، مجلس الإدارة، المحامون، الأعداء، المنافسون، العملاء…
كل هؤلاء ينتظرون أحلامك.
أحلامك التي صنعت قيدك ولا يمكنك الفكاك منه بسهولة.

عُقدك التي تتراكم مع الوقت… هي نتيجة أحلامك.
والوحدة التي تشعر بها دومًا… هي نتيجة أحلامك أيضًا.
وقلقك من الفشل والمستقبل… هو نتيجة أحلامك.

ولكن، هل تستحق أحلامنا كل ذلك؟


٤

أعتقد ذلك.
الأثر الذي تلمسه عندما تجد أنك قد فتحت بيوت عدد من الأسر لأن فكرة ما أضاءت لك عقلك، فقررت أن تحولها إلى منتج وخدمة، ثم إلى شركة.
ساعدت هذه الفكرة في خلق فرص عمل لعدد من الناس، فتحت لهم أفقًا جديدًا ومسارًا في حياتهم، تعلموا وأفادوا واستفادوا.

الأثر الذي تلمسه في خلق فرص نمو للعملاء، وتحسين تجاربهم وحياتهم، في تقديم قيمة مضافة لهم، وفي خلق منفعة اقتصادية أكبر.

الأثر الذي تلمسه في تنمية فرصة لشريك أو مستثمر قرر أن يخاطر بماله معك، وهو يعلم أن فرصة النجاح أقل بكثير من فرصة الفشل.

وأثر أكبر، عندما تساهم في رزق الآخرين الذين آمنوا بأحلامك المجنونة وقدرتك على تحقيقها.

الأثر الاجتماعي والاقتصادي الذي نستطيع إحداثه عبر بعض الأفكار التي نؤمن بها، هو أكبر محفز لتأسيس شركة تقنية ناشئة، وتحويل هذه الأفكار إلى مصدر دخل أعلى وخلق أثر أكبر، يتجاوز الأثر الشخصي المحدود إلى ما هو أبعد.


٥

سبب آخر مهم:
المرونة التي تخلقها الشركات التقنية الناشئة.
وأقصد بالناشئة: ليست الصغيرة بعدد العاملين فيها، ولكن وفق تعريف الشركات التقنية الناشئة القائمة على النمو السريع وخلق نماذج عمل مختلفة ومرتكزة على التقنية والابتكار.

هذا النوع من بيئات العمل والشركات يعطي مساحة كبيرة للتغيير والمجازفة والابتكار والتنفيذ السريع بطريقة نادرًا ما تجدها في المنظمات الكبيرة أو الجهات الحكومية.

الرغبة العالية في التجريب والاكتشاف وابتكار منتجات جديدة، القدرة على الخطأ والتعديل والتصحيح، مثل هذا النوع من المرونة يعطي مساحة أكبر للتعلم والنمو.

وهذا التعلم والنمو والتجارب، والصعود والهبوط، والضوضاء والقلق والتعب الذي يأتي في عالم ريادة الأعمال، هو ما يصقل شخصية الإنسان، ويصنع له تجربة قابلة للحياة أكبر، والبقاء أطول فترة ممكنة، تجربة قادرة على أن تعيش، وأن تؤثر، وأن تُحكى، وأن يتذكرها الناس.

الاشتراك بالنشرة البريدية

انضم إلى النشرة الإخبارية لتلقي آخر التحديثات.